تحليلات

الأزمة تسحب اميركا الى الافلاس وألمانيا تلجأ الى الصين

 

جورج حداد

وصل دين الدولة للولايات المتحدة الأميركية الى مبلغ قياسي وهو 16 تريليون (الف مليار) دولار، حسبما أعلنت الاوساط الاقتصادية في لندن. وقد وصل دين الحكومة الفيديرالية الأميركية الى هذا السقف "التاريخي"، خلال الاسبوع المنصرم، بعد أن طرحت الحكومة للتداول في السوق إصدار سندات دولة مستحقة لسنتين بقيمة 35 مليار دولار.

وهذا الرقم القياسي يفوق قليلا الناتج الداخلي القائم للولايات المتحدة الأميركية والبالغ في اللحظة الراهنة 15،720 تريليون دولار. وكان دين الدولة الأميركية قد فاق حجم الناتج الداخلي القائم منذ السنة الماضية.لقد تطلب الامر لواشنطن وقتا طويلا للموافقة الرسمية على رفع سقف دين الدولة بقيمة 1تريليون دولار، من 15 تريليون الى 16 تريليون كما هو في الوقت الراهن.

وتشير الحسابات إلى أن الحكومة الفيديرالية تحصل كل 24 ساعة على قروض بمبلغ 3،5 مليار دولار. وفي رأي الخبراء أنه اذا حافظت الميزانية الأميركية على ديناميكيتها الحالية، فإن دين الدولة للولايات المتحدة الاميركية سيصل في حزيران 2013 الى مبلغ 17 تريليون دولار، اما في اذار 2014 فسيبلغ 18 تريليون دولار. وسيتم القفز فوق العتبة النفسية التي يشكلها رقم 20 تريليون دولار في اواسط شهر تشرين الاول 2015.

وهذه الحسابات لا تتضمن الالتزامات المتراكمة في القطاع الخاص للولايات المتحدة الاميركية ولا التزامات الاقتصادات العائلية، التي تبلغ في الوقت الراهن 9،7 تريليون دولار.

وفي هذا الوقت فإن المانيا، التي تحتل المرتبة الأولى اوروبيا والمرتبة الثانية عالميا كأكبر اقتصاد، يبدو أنها اصبحت بحاجة الى الدعم في ظروف أزمة المديونية في منطقة اليورو. ولهذه الغاية وصلت المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل الى بكين، برفقة عدد كبير من وزرائها ومجموعة أكبر من ابرز رجال الاعمال الألمان. وهذه هي الزيارة الثانية لميركيل الى بكين تقوم بها هذه السنة، والزيارة السادسة لها منذ تسلمها رئاسة الحكومة في المانيا. وهذا يدل على الاهمية التي تعطيها برلين للتعاون بين الصين والمانيا، مما له اهمية كبرى لإنهاض الاقتصاد العالمي. وبحسب رأي المحللين، فإن بكين بدورها تعتبر ان المانيا تلعب دورا حاسما في مواجهة الأزمة في منطقة اليورو، وان برلين فرضت نفسها كشريك لا بديل له في العمل لحل الازمة.

ويشار الى ان الصين تواجه انخفاضا طفيفا في نموها الإقتصادي وبلغت فيها مؤشرات البورصة أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، وهذا ما يجعل بكين تشعر بالتأثير السلبي للصعوبات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر السوق رقم واحد للصادرات الصينية. وقد عبر رئيس الوزراء الصيني فون تسياباو عن القلق حيال تعمق الازمة في منطقة اليورو. ولكنه ابدى استعداد بلاده للاستمرار في التوظيفات في الاتحاد الاوروبي.

ويأمل الاوروبيون ان تقوم الصين بتوظيف قسم من احتياطاتها الكبيرة من العملات الصعبة في الصناديق الانقاذية في منطقة اليورو، ولكن، كما تلاحظ وكالة الصحافة الفرنسية، يوجد حتى الان دلائل قليلة على استجابة ايجابية من قبل الصين. وقال فون تسياباو ان اسباب القلق الصيني ترتبط بالاحتمال غير الملائم بأن تخرج اليونان من منطقة اليورو، وبمسألة الثقة بفعالية التدابير التي تتخذها ايطاليا واسبانيا لحل الازمة. ولتبديد شكوك بكين بقدرة اليورو، قامت ميركيل من جهتها بشرح تفصيلي لزميلها الصيني حول التدابير التي تعتزم اوروبا القيام بها لمواجهة الازمة، واكدت بشكل خاص على "الارادة السياسية المطلقة" لتدعيم اليورو. وجوابا على ذلك اكد تسياباو ان هذه العملية لا يمكن ان تكون مثل "نهر طويل هادئ".

وعلى خلفية تباطؤ الاقتصاد العالمي، فإن مسائل التجارة تعتبر من اهم المسائل للنقاش بين البلدين. وفي اطار جهود الصين والمانيا، البلدان الاكثر تصديرا في العالم، لتعميق علاقاتهما التجارية، وبحضور المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل ورئيس الوزراء الصيني فون تسياباو، وقع بنك الدولة الصيني ICBCمع شركة "ايرباص" اتفاقا تشتري بموجبه الصين 50 طائرة بقيمة 3،5 مليار دولار. وهذا الاتفاق هو اول صفقة مهمة لايرباص في الصين، بعد انفجار الخلاف بين بكين والاتحاد الاوروبي حول مسألة المتاجرة بانبعاثات الغازات الدفيئة. فقد رفضت حينذاك الصين قبول وجهة النظر الاوروبية ودفع رسوم عن ثاني اوكسيد الكربون المنبعث. وادى هذا الرفض الى الغاء صفقات بقيمة 14 مليار دولار.

المصدر"الانتقاد"

زر الذهاب إلى الأعلى